الشهيد المجاهد "عدنان زياد اسعيد": مجاهد صنديد عمل بصمت ورحل بصمت
الاعلام الحربي _ خاص
الشهداء هم شعلة فلسطين التي لا تنطفئ، ووقود ثورتها، فبذكراهم تعلو الهمم، وبجهادهم نسير نحو حلم تحرير فلسطين وإقامة شرع الله في كل زاوية من زواياها، فذكراهم لا يمكن أن تمحوها تقلبات الأيام والسنون، حقيقة أن جسده قد دفن في التراب لكن روحه الطاهرة مازالت ساكنة محفورة في وجدان من عرفوه، فالشهداء أحياء والأحياء لا يموتون.
الميلاد والنشأة
حديثنا اليوم في "الإعلام الحربي لسرايا القدس"، عن الشهيد المجاهد عدنان زياد اسعيد، الذي ولد بتاريخ 4-3-1990وعاش وترعرع في كنف أسرة فلسطينية متواضعة مؤمنة بالله وملتزمة بواجبها نحو دينها، وتحمل كافة أشكال العدوان والإرهاب الذي مارسه بحقها الاحتلال الصهيوني، حيث تتكون أسرة الشهيد عدنان من ثلاثة أخوة وخمسة أخوات، و كان الأكبر بينهم.
وتلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة عبد الرحمن بن عوف , والإعدادي في شهداء الشيخ رضوان , وحصل علي الثانوية العامة ومن بعدها أكمل مشواره التعليمية, ومن ثم التحق شهيدنا في المدرسة الصناعية لمدة عامين درس فيها هندسة كهرباء.
صفاته وأخلاقه
اتصف شهيدنا عدنان بأخلاق الشاب المسلم الخلوق وتميز بالأخلاق الحميدة ومن صفاته الهادئ الصامت الكتوم المحب للآخرين ويتصف بالتسامح ولا يكره ولا يحقد على أحد، كان ملتزماً في صلاته وعبادته في مسجد طارق بن زياد في منطقة الكرامة. .
علاقته بأسرته وأصدقائه
كان الشهيد عدنان باراً بوالديه وكانت تربطه علاقة الأخوة والمحبة بين إخوانه في البيت وكان يحب ويعطف على الصغير ويحترم الكبير، وزائر لأرحامه ودائم الابتسامة لا تغيب عن وجهه البسام، فكانت أسرته لا تعرف العمل الذي كان يقوم به في مسيرة جهاده لصمته وقلة حديثه.
وكانت تربطه علاقة جيدة قوية بين أصدقائه وكل من عرفه، فكان يحب أصدقائه ويعطف عليهم ويتعامل معهم بأخلاق الصديق والشاب المسلم فقد حزن على فراقه كل من عرفه، ويذكر أن الشهيد كان متزوجاً وله اثنان من الأبناء مريم وعمرها أربعة أعوام وزياد من العمر عامين.
الأم الصابرة الملكومة
وفي حديثها عن الشهيد عدنان، تحدثت الأم الصابرة "أم زياد" والتي مازالت تعيش على صدمة فراق فلذة كبدها قائلةً : "لقد تحملت قسوة الحياة وأعباء تربيتهم منذ صغرهم، حيث أنني كنت دائمة القلق والخوف على عدنان الذي كان لا يدع مسيرة أو مواجهة مع الاحتلال إلا ويكون في مقدمتها، ولقد كان يتمنى الشهادة كما يتمنى العدو الصهيوني الحياة، فهو لم يكن يعرف طعما للراحة أو التنزه، وإنما كان دائما مشغولا بعمله الجهادي منذ أن التحق بسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي, لكنه قدر الله الذي لا مفر منه، والحمد لله على منته لي بأن جعل لي ابناً شهيداً في سبيل الله".
الزوجة المحتسبة
من جانبها أشارت زوجة الشهيد عدنان، وبصوت شاحب: "إن كل شيء يذكرني بزوجي الشهيد عدنان، فصورته لم تغب عني للحظة"، مضيفةً أن ما يصبرها ويثبتها بأن زوجها كان يطلب الشهادة بصدق، وكان على استعداد للتضحية بكل شيء من أجل إعلاء كلمة الله ورفع راية الإسلام والجهاد خفاقة في عناء السماء.
مشواره الجهادي
انتمى الشهيد المجاهد عدنان أسعيد إلى صفوف حركة الجهاد الإسلامي في منطقة الكرامة منذ العام 2005م حيث حافظ الشهيد على صلواته داخل المسجد كما وشارك شهيدنا في معظم المناسبات والفعاليات الحركية على مدار السنوات التي عاشها تحت راية الجهاد والمقاومة.
عرفته حلقات العلم والمعرفة وموائد القرآن ,حيث يُشهد لشهيدنا التزامه الديني في مسجد طارق بن زياد الكائن في حي الكرامة بجوار منزل الشهيد.
أبدى الشهيد المجاهد الالتزام الإيماني الشديد و واكبه التزام بمبادئ حركة الجهاد الإسلامي وفكر الجهاد والمقاومة الذي أهله في بداية العام 2007م للالتحاق بركب إخوانه المجاهدين من أبناء سرايا القدس الميامين, حيث أصبح شهيدنا أحد المجاهدين الميدانين في السرايا، وباشر شهيدنا مهامه الجهادية منذ اللحظات الأولى لركوبه سفينة الجهاد والمقامة وذلك بعد تلقيه الدورات العسكرية الميدانية والتعليمية التي أهلت شهيدنا ليكون ضمن أوائل المجاهدين المدافعين عن قطاع غزة في الحرب الأولى عام 2008م.
بعد أن لاحظت قيادة سرايا القدس شجاعة الشهيد المجاهد أبو زياد، وأدائه المميز في مقاومة الاحتلال إبان حرب عام 2008 سارعت لاختياره ضمن الوحدة الصاروخية لسرايا القدس مع بداية العام 2009م.
تميز شهيدنا المجاهد بإتقان عمله على أكمل وجه في الوحدة الصاروخية، كما تميز بكتمان الأسرار حيث من رأى شهيدنا عدنان وسمع عنه بعد استشهاده تفاجأ أنه يعمل في سرايا القدس وذلك لما تمتع به شهيدنا من حس أمني شديد، حيث أهلّه ما يتمتع به من كفاءة وأمانة وشجاعة لأن يكون من أوائل مجاهدي الوحدة الخاصة في الوحدة الصاروخية لسرايا القدس، حيث تميز أفراد هذه الوحدة بمشاركتهم في مهام ضرب المدن الكبرى في الأراضي المحتلة عام 48.
شارك شهيدنا المجاهد في إطلاق العديد من الصواريخ على المدن والمستوطنات المحيطة بقطاع غزة، وصولاً حتى مدينة تل الربيع المحتلة حيث شارك الشهيد المجاهد بإطلاق صواريخ براق 70 نحو هذه المدينة في حرب البنيان المرصوص التي خاضها رجالات سرايا القدس عام 2014 دفاعاً عن أهليهم وذويهم في قطاع غزة.
للحديث بقية مع رفاقه
أبو محمود أحد قادة الوحدة الصاروخية في سرايا القدس يروي بعض من مقتطفات عمل الشهيد عدنان في الوحدة الصاروخية ويقول: "عدنان كان شاباً مجاهداً مميزاً، عرف عنه حبه لعمله في الوحدة الصاروخية ,حيث كان شهيدنا عدنان مميزاً في تربيض الصواريخ وتجهيزها للإطلاق, تميز بشكل كبير جداً في مجال الوضعية والهندسة الكهربائية للصواريخ، لما يتمتع به من خبرة في مجال العمل الكهربائي والدوائر الإلكترونية , لذلك كان شهيدنا عدنان صاحب تنفيذ المهمات الصعبة داخل الوحدة الصاروخية في سرايا القدس بلواء الشمال.
رجل المهام الصعبة
ووأضح أبو محمود، أن من المواقف التي تشهد لشهيدنا عدنان إنه ذات يوم إبان معركة بشائر الانتصار التي خاضتها سرايا القدس منفردة في مارس 2012 أنه كان هناك مهمة إطلاق صواريخ نحو مدننا المحتلة ولكن الإخوة المجاهدين الذين توجهوا لإطلاق الصواريخ وجدوا أن هناك إشكالية فنية ما في المربض وأن هناك حاجة إلى فحص هندسي لهذا المربض وأن نسبة المخاطرة في ذلك كبيرة جداً كون ان طيران الاحتلال يحلق بكثافة في سماء المنطقة , فما كان من فارس الجهاد والمقاومة أبو زياد إلا أن تقدم معلناً نفسه استشهادياً في سبيل الله ليتفحص المربض ويتبين له بأنه بحاجة إلى بطارية كهربائية، فما كان من شهيدنا إلا أن استخدم بطارية دراجته النارية الخاصة به ،ونفذ المهمة الصعبة تحت وقع صوت طيران الاستطلاع وقصف الطيران الحربي للأراضي الزراعية وبفضل الله تمكن شهيدنا بحمد الله من إطلاق كافة الصواريخ من المربض والعودة لقواعد العمل بسلام بعد هذا العمل البطولي والشجاع".
ويستطرد أبو محمود قائلاً: "نعم نقول اليوم إن سرايا القدس ومن قبلها فلسطين فقدت مجاهداً صنديداً تشهد له كافة ميادين الجهاد والمقاومة وأن الوحدة الصاروخية لسرايا القدس فقدت أبرز مقاتليها اليوم في لواء الشمال، ولكن بحمد الله وقوته سيكمل المجاهدون دور أخيهم الشهيد عدنان حتى تحقيق النصر أو الشهادة "
الموعد مع الشهادة
كان يوم الخميس الموافق 17-11-2016، موعد الشهيد "عدنان اسعيد" مع لقاء الله سبحانه وتعالى الذي دائماً كان يتمنى أن يرزق الشهادة في ساحات الجهاد والمقاومة لكن قدر الله كان له أن يستشهد اثر سكتة قلبية ألمت بها في منزله لترتقي روحه الطاهرة نحو بارئها مع الشهداء والأنبياء والصديقين وحسن أولئك رفيقاً، نحسبه شهيداً ولا نزكي على الله أحدا، فرحم الله شهيدنا عدنان وأسكنه فسيح جناته.