الشهيد القائد الميداني "سعد أحمد أبو حسنين": صاحب شخصية فريدة في عطائها وتضحياتها
الإعلام الحربي _ خاص
إن الحديث عن شخصية الشهيد القائد الميداني سعد أحمد أبو حسنين تستحق أن نقف عندها وقفة متأملة، فاحصة نستطلع حياتها ومكامن العظمة فيها، ونستخلص العبر من مسيرة عطائها الحافلة بالتضحيات في سبيل الرسالة التي آمن بها ونذر نفسه وحياته لتحقيقها.
ولأن النصر يصنعه الرجال ولأن ضريبته غالية، خاض شهيدنا سعد أبو حسنين غمار المنايا رافعاً راية الجهاد، ذاباً عن حياض المسلمين إلى أن لقي ربه بعد مسيرة جهاد مشرفة.
سَليل عائلةٍ مُجاهدة
ولد القائد الميداني سعد أحمد سليمان أبو حسنين ، في رفح جنوب قطاع غزة، بتاريخ 22-4-1975م، وسط عائلة تعود أصولها لبلدة "يبنا" هذه العائلة ربت أبناءها على آداب الإسلام والأخلاق الحميدة وعلى حب فلسطين وقصص المجاهدين، فمنها تخرج الشُهداء والأسرى وقادة العمل الفلسطيني المقاوم، أمثال الشهيد القائد صلاح الدين أبو حسنين ورجل الإصلاح سليمان أبو حسنين والاستشهادي طارق أبو حسنين والشهيد محمد أبو حسنين والشهيد القائد حسن أبو حسنين...إلخ.
شق شهيدنا أبو أحمد طريقه بالتفوق والتميز في المراحل التعليمية، من أجل أن يشق مستقبله العلمي الحافل بالانجازات، وأتم شهيدنا مراحله التعليمية والعلمية فدرس في كلية "الحقوق" بجامعة الأزهر ليكون بعدها محامياً مدافعاً عن حقوق المظلومين، وعمل بكل إخلاص في جميع الميادين.
تزوج شهيدنا سعد أبو حسنين من زوجة صالحة أنجبت أربعة من الأبناء وهم:" أميرة، أحمد، آية، آدم"، فكان رحمه الله مثالاً للأب الحنون والمحب لأبنائه وحريصاً على تعليمهم الأخلاق الإسلامية الحميدة .
الأب المعلم
أبو هادي شقيق الشهيد سعد أبو حسنين قال لموقع السرايا:" تميّز أخي أبو أحمد بحبه لإخوانه، دائما يحرص على متابعتهم ومساعدتهم فكان الأب والمعلم لنا جميعاً ولكل من عرفه، كانت علاقته معنا قائمة على الحب والاحترام المتبادل، والنصح والإرشاد، وحسن المعاملة ووصل الرحم وتجميع العائلة".
وأضاف: كان لشقيقي أبو أحمد أسهم كثيرة في أبواب الخير والصدقات، فكان يسعى دوماً لمرضاة الله، كان يسير دوماً على خطى الشهيد القائد صلاح الدين أبو حسنين فتأثر بشخصيته كثيراً وكان للشهيد صلاح الدين دور كبير في صقل شخصيته وتوجيهه بالمُضي قُدماً تجاه أبواب الخير والاستقامة والجهاد .
وتابع شقيق الشهيد أبو حسنين حديثه:" لم يتوانى أبو أحمد إطلاقاً في العمل الجهادي المستمر، يواصل الليل بالنهار منذ بداية عمله المقاوم، وكل من عرفه يشهد له بذلك، وكان آخر أيامه في الدنيا ومع اشتداد المرض عليه كان يدعوا الله الشفاء لتكون خاتمة حياته الشهادة في سبيل الله".
مساعدته للآخرين
وعن علاقة شهيدنا بجيرانه يقول جاره أبو خالد لموقع السرايا:" كان أبو أحمد رحمه الله نعم الجار المخلص والمحب لجيرانه بالرغم أننا جيران حديثين العهد في "الحي السعودي" إلا أن أبو أحمد كان جاراً كالأخ يحرص دوماً على مساعدتنا والوقوف إلى جانبنا، يسعى دوماً لتقديم العون لكل من يحتاجه".
وأضاف: كان للشهيد أبو أحمد بصمات واضحة في هذا الحي وحضور لافت بين الجيران فكان يشارك الجميع أفراحهم ويقف بجانبهم في أحزانهم، ويودهم في كل مناسباتهم.
شُعلة جهادية مُتقدة
كان شهيدنا سعد أبو حسنين ممن تأثروا كثيراً بفكر الشهيد المؤسس الدكتور فتحي الشقاقي فكان من المُثقفين الذين حملوا فكر حركة الجهاد الإسلامي في بداية انتفاضة الأقصى، فتجرع الإيمان والوعي والثورة من خلال المشاركة في النشاطات المختلفة في مسجد الصحابي "علي بن أبي طالب" بمنطقة الشعوت، وحمل على عاتقه إيصال رسالة الإسلام والجهاد، فكان له دور بارز في نشاطات الحركة الجماهيرية، والخروج في المسيرات، والتواجد في المهرجانات والاحتفالات المركزية التي كانت تنظمها الحركة في قطاع غزة.
تدرج شهيدنا القائد سعد في العمل الحركي والنقابي على مدار عشرون عاماً، فأصبح مسئولاً للاتحاد الإسلامي في النقابات المهنية الإطار النقابي لحركة الجهاد الإسلامي بمدينة رفح فكان نعم القائد والأخ لإخوانه النقابيين والأكاديميين الذي يعاملهم بكل تقدير واحترام ومودة.
نظراً لنشاط شهيدنا المجاهد أبو أحمد الملحوظ والمشاركة الفاعلة في العمل التنظيمي والنشاط الحركي، وقع عليه الاختيار للعمل بالجناح العسكري للحركة سرايا القدس، في العام 2002م، وتدرج بالعمل في صفوف السرايا بشكلٍ لافت وقد انخرط في وحدة التصنيع العسكري، نظراً لعلمه الواسع وخبرته في هذا المجال، فتميز في عمله وقد وضع كل جهده دون كلل أو ملل، وأهم ما كان يميزه هو السرية في العمل، وتنوع بعدها عمله لمشاركته في الميادين الجهادية الأخرى، فعمل في وحدة الدروع في كتيبة الصحابي"علي بن أبي طالب"، وتدرج بالعمل لينتقل للعمل بعدها في وحدة القضاء العسكري، فقد كان مجاهداً مبدعاً في كل موقع ومكان يلتحق ويعمل به، فكان حريصاً على التميز دائماً، والارتقاء بمستواه العسكري، وتقديم أفضل ما يمكن لخدمة الجانب العسكري.
ويعتبر الشهيد سعد أبو حسنين من القادة الميدانيين في سرايا القدس بلواء رفح، وله دور كبير في العديد من المهام الجهادية البارزة، فقد شارك في عمليات تجهيز وتصنيع العبوات والقذائف للمجاهدين، وشارك في أبرز المعارك التي خاضتها سرايا القدس على مدار فترة الصراع مع المحتل الصهيوني، والجميع يشهد له بمواقفه الصلبة والشجاعة أثناء اشتداد المعارك.
صديق التضحية والعطاء
يستذكر أحد أصدقائه الأستاذ أبو محمد موقف للشهيد أبو أحمد حيث قال:" قبل استشهاده بفترة قصيرة على بحر رفح كدت أن أغرق أثناء السباحة، فسرعان ما حاول أبو أحمد إنقاذي فاعلاً المستحيل لتخليصي من الغرق رغم عدم براعتهُ في السباحة، وبحمد الله كُتبت النجاة لي بفضل الله وبفضله، فهذا موقف بسيط من عناوين التضحية التي سجلت لشهيدنا سعد أبو حسنين".
وأضاف: شخصية أبو أحمد مليئة بعناوين الأمل والخير والمبادرة، هذه الصفات الجميلة جعلت منه شخصية مُشرقة ومحبوبة بين جميع الأصدقاء، مبيناً أن الابتسامة لا تكاد تفارق وجهه الطاهر إلى جانب النكتة والممازحة الخفيفة حتى في أحلك الظروف.
ولفت أبو محمد إلى أن رحيل أبو أحمد كان مُفجعاً وصادماً للجميع، فالكل تأثر وتألم بخبر وفاته، موضحاً أنه ترك خلفه سيرة طيبة وأثر قل نظيرهُ في نفس كل من عرفه وتعامل معهُ ورافقه وسار معهُ، داعياً الله عزوجل أن يجعل الجنة مستقراً له.
رحيل الفارس
أصيب شهيدنا القائد الميداني سعد أبو حسنين بفيروس كورونا، وعلى إثر ذلك رقد في المستشفى عدة أيام، وفي فجر يوم الثلاثاء الموافق 14-9-2021م، ارتقى أبو أحمد شهيداً ماضياً إلى ربه بعد حياة حافلة بالعطاء والجهاد والتضحية والرباط في سبيل الله، فإلى جنات الخلد مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً، قضيت يا أبو أحمد على فراشك بعد أن كنت مقداماً في كل ميدان، لتعلّم المتقاعسين درساً بأن الإقدام لا يُنقص عمراً.