الشهيد المجاهد "عيسى أحمد غالي": رفيق الشهداء وصاحب العزيمة التي لا تلين
الإعلام الحربي _ خاص
وتستمر قوافل الشهداء.. إنها قوافل العظماء الذين عرفوا سبيل العشق الحقيقي، فجعلوا تلك الديار الباقية عنواناً لهم، ورسموا إليها دربهم بدمائهم الزكية، فلبوا نداء الجهاد والحق، وَهَبُّوا نصرةً لدين الله ولمسرى نبيه الكريم.
رحلت أجسادهم عن عالمنا، وبقيت أرواحهم حيّة فينا.. بقيت ذكرياتهم.. تضحياتهم.. ضحكاتهم.. ابتساماتهم.. أخلاقهم.. فمن كان له المسجد نقطة انطلاق وصل بسرعة البرق إلى ما يشتاق"، وهكذا يُمكِننا أن نُلخِّص تفاصيلَ حياة شهيدنا عيسى أحمد سعد غالي الذين قدَّم نفسه وروحه رخيصةً في سبيل الله، ليسطر أروع معاني الجهاد والفداء.
ميلاد فارس
تزينت مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة بثوب الفرح لاستقبال الشهيد المجاهد عيسى غالي، حيث تنسم أولى نسمات فلسطين العليل، وتفتَّحت عيناه وأطل نور وجهه الجميل يُضيء حارات بلدة حي الأمل بمعسكر خانيونس، في العام 1984م.
ونشأ وترعرع في كنف عائلة فلسطينية مُؤمِنَة مُحافِظة، أورثته حُبَّ فلسطين وحبَّ الجهاد والمقاومة، فَرِضَع لبن الكرامة والعزة وشبَّ على الفداء والتضحية.
تلقى شهيدنا المجاهد غالي مراحل تعليمه المدرسي في مدارس حي الأمل غربي خان يونس، فكان مثالاً للطالب المجتهد المُثابر والمُجِد في دراسته.
وتزوج شهيدنا عيسى غالي بامرأة صالحة صابرة مرابطة على أرض فلسطين المباركة، ولكن لم يشأ الله أن يُرزق منها بالبنين.
صفاته وأخلاقه
عُرِف شهيدنا المجاهد غالي بصدقه وتواضعه وحبه للخير، وكان ناصحاً أميناً لإخوانه، طيباً كريماً ليِّناً في تعامله مع الآخرين.
وكان مثالاً يُحتذى به في بر الوالدين وصلة الرحم، وتميَّز بجرأتِه وشجاعته، ودماثة خلقه، بشوش الوجه، مبتسم الثغر، مخلصاً في علمه، جديراً بالثقة، وكان مُلازماً لبيوت الله، مُحافظاً على الصلوات في الصفوف الأولى.
مشواره الجهادي
شبَّ شهيدنا المجاهد غالي في بيئةٍ احتضنت الجهاد والمقاومة، فعشقَ الجهاد والاستشهاد، وعاهَد نفسه أن يُقاوِم هذا العدو الغاصب للأرض والمنتهك للعرض والمُستبيح للمقدسات حتى آخر رمق في حياته، فانضم إلى صفوف حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين منذ نعومة أظفاره، وكان نشيطاً ومُشاركاً في أنشطتها وفعالياتها كافة، ثم أَلَحَّ على إخوانه في قيادة سرايا القدس بالانضمام إلى صفوف المجاهدين، حيثُ كان رفيقاً للشهداء والقادة، وتلقى العديد من الدورات العسكرية التي أَهَّلَته ليكون أمير مجموعةٍ في سرايا القدس.
وكان الشهيد عيسى شديد الالتزام بأوامر قيادته، كثير الرباط من شدة حبه له ولثوابه العظيم، يتسابق في ميادين الإعداد، متفانياً في عمله، فارساً مغواراً لا يخشى في الله لومة لائم.
واتسم شهيدنا بالسِّرية والكتمان، وكان مُحبَّاً للجهاد والمقاومة، عاشقاً لثرى فلسطين الطاهر، تهفو عيونه إلى زيارة المسجد الأقصى المُبارك والصلاة في رحابه.
عزيمة لا تلين
تعرَّض شهيدنا المجاهد عيسى إلى إصابة في يده اليمنى، ما أدى إلى بترها، ولكنه رغم ذلك أصرَّ على الاستمرار في درب الجهاد والمقاومة، وكان أشد صلابة وإرادةً وعزماً في هذا الطريق الذي عاهد الله عليه، وكان دائماً يُردد: "اللهم خذ مني دمي حتى ترضى".
رحيل الفارس
ارتقى الشهيد عيسى غالي، يوم الأحد ٢ رمضان ١٤٤٣ هـ، الموافق: ٣ نيسان/أبريل ٢٠٢٢م، إثر إصابته بعيار ناري عن طريق الخطأ؛ ليمضي إلى ربه بعد رحلة حياة سخرت بمجملها في سبيل الله جهاداً ودفاعاً عن أبناء شعبنا في مواجهة الاحتلال الصهيوني المجرم.
فسلامٌ عليك يا مسكاً يفوحُ شذاه في سماء الوطنِ.. وطوبى لك هذه المكانة في علياء المجد والخلود.