الشهيد المجاهد "رعد شحدة أبو فول": أحد فرسان وحدة الهندسة والتصنيع
الإعلام الحربي _ خاص
هنا شمال قطاع غزة، وعلى ترابه المخضب بدماء شهدائه الأطهار تكبر الإرادة فيه يومًا بعد يوم، وتتجلى التضحيات في أبهى صورها، وتكتب أشجار الزيتون حكاية الأرض بحروف من نور، وتصرخ جدران بيوته العتيقة بالغضب في وجه المستبدين الظالمين.
الميلاد والنشأة
في أحد بيوت منطقة الساطين شمال قطاع غزة التي أرسلت لها شمس الحرية ضياءها بكل قوة، لتعانقها وتختلط ألوانها باللون الذهبي، سمع صراخ طفل في المهد تزامن مع زغاريد الفرحة بقدوم فارس جديد هو الشهيد المجاهد رعد شحدة أبو فول (أبو نعيم) في 17 أكتوبر (تشرين الأول) عام 1979م، أطلق عليه والداه اسم رعد، ليصبح رعدًا قاصفًا على القتلة والمجرمين ومحتلي الأرض ومستبيحي المقدسات والديار.
في أسرة مجاهدة تعود جذورها إلى بلدة "حمامة" المحتلة منذ العام 1948م التي هُجِّر أهلها قسرًا وظلماً وعدوانًا من قبل الصهاينة الجبناء، تبدأ فصول حكاية جديدة هنا في مخيمات اللاجئين، تزوج شهيدنا المجاهد رعد من فتاة صابرة أنجب منها أربعة أبناء حرص على أن يزرع في قلوبهم حب فلسطين.
منذ أن كان طفلاً صغيرًا يداعب رمال بيته، عشق تراب وطنه وسماءه وأشجاره ومآذنه، وألف أن يرى المجاهدين الملثمين ينطلقون من بين الأزقة حاملين أسلحتهم الطاهرة، فتمنى أن يكبر سريعًا ويصبح مثلهم ليقارع الاحتلال الصهيوني وينتقم من قتلة أطفال الشعب الفلسطيني.
صفاته وأخلاقه
في مسجد الخنساء بدأ شهيدنا المقدام رعد مرحلة الالتزام بالعمل الدعوي، حافظ على الصلوات الخمس في المسجد، وخاصة صلاة الفجر، بالإضافة إلى التزامه بحلقات الذكر والقرآن الكريم، والندوات والمسيرات الجهادية التي خرجت لتشيع جثامين الشهداء ودعمت المقاومة.
مشواره الجهادي
جاء اليوم المنتظر، وبعد إلحاح شديد على إخوانه في القيادة العسكرية، وافقوا على انضمام الشهيد المجاهد رعد إلى الجهاز العسكري لحركة الجهاد الإسلامي سرايا القدس لتبدأ رحلة البندقية والجهاد في سبيل الله، وذلك في العام 2000م.
تلقى الشهيد المجاهد رعد العديد من الدورات العسكرية والإيمانية التي أهلته لأن يكون جنديًا صلبًا لا يعرف الخوف واللين في مواجهة الأعداء، حتى أضحى جنديًا مقاتلاً ملتزمًا بأوامر قيادته العسكرية التي وصفته بالصنديد، وربطته علاقات محبة وإخوة مع الكثير من الشهداء.
انضم شهيدنا المقدام رعد إلى وحدة المرابطين في بداية مشواره الجهادي ليربض كالأسد على ثغر من ثغور شمال قطاع غزة، ليكون العين الساهرة على حماية أبناء القطاع، ولسان حاله يقول:" أيها الصهاينة لن تمروا إلا على أجسادنا".
بعد أن رأى فيه إخوانه المجاهد المقاتل الصنديد صاحب الأخلاق العالية رشحوه للانضمام إلى الوحدة الصاروخية لسرايا القدس ليدك حصون بني صهيون بلا رحمة، ويرسل لهم رسائل الموت الزؤام بصواريخ القدس والجراد وقذائف الهاون لتحلق في سماء بلادنا المحتلة وهي ترعد رعدًا في قلوب الصهاينة الجبناء، وتجبرهم على النزول إلى الصرف الصحي خوفًا ورعبًا، بفضل الله، بأيدي المجاهدين الأبرار.
وعمل شهيدنا رعد برفقة الشهيد القائد عدنان بستان والشهيد القائد كريم الدحدوح في وحدة الهندسة والتصنيع لسرايا القدس وقام بصناعة القنابل اليدوية وقذائف الهاون والعبوات الناسفة، كما عمل على تطوير صواريخ القدس.
موعد مع الشهادة
لكل أجل كتاب، ولابد للحظة الوداع أن تأتي ولو طالت بها الدنيا، ففي 17 يناير (كانون الثاني) 2008 م، ودع شهيدنا الفارس رعد زوجته وأطفاله، ولم يكن يعلم أنه الوداع الأخير.
أقدمت الطائرات الصهيونية على استهداف سيارته وهو عائد من السوق لتفيض روحه الطاهرة إلى بارئها، وتبدأ فصول حكاية جديدة عنوانها "جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر" مع الأنبياء والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا، نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدًا، وبذلك تطوى صفحة من صفحات الجهاد والاستشهاد بعد باع طويل في قتال الصهاينة بكل قوة وشراسة، لكن كلماته وأفعاله لم تُطوَ من صدور إخوانه المجاهدين الذين جسد برحيله قدوة لهم في شتى ميادين المقاومة.