الشهيد المجاهد "محمد عبد الله عبد الغني": صلى ركعتين قبل الشهادة
الإعلام الحربي _ خاص
حينما ارتقى شهيداً ألقى من يده سنبلة قمح جهادية، تيقن وهو يرتقي نحو العلا أن الله سيبارك له فيما بذره بيده الطاهرة، نعم أنور أيها المجاهد العنيـد الفارس الصلب لقد أنبتت سنبلتك عشرات السنابل فهذا محمد يناديك: إني إليك أسرع الخطى فهيء لي عندك منزلاً.
الميلاد والنشأة
ولد الشهيد المجاهد محمد عبد الله عبد الغني بتاريخ 25 يونيو (حزيران) 1981م في قرية الإباء والبطولة صيدا بطولكرم، ورضع منذ الصغر حليب العزة والبطولة والجهاد، فقد ولد لعائلة متدينة متوسطة الحال مقتنعة بما أعطاها الله، ولد لهم شهيدنا المجاهد محمد ولقد استبشروا به خيرًا وأسموه هذا الاسم ليتزين به، كما تقول أمه:" خير الأسماء ما حمد وعبد".
تربى شهيدنا المجاهد محمد منذ صغره على أن يكون الصادق الوفي المخلص لإخوانه، وجهه أهله لصلاة المسجد لاعتقادهم أنها التربية السليمة التي لا يمكن إلا أن تسعد من عاشها.
التحق الشهيد المجاهد محمد بالمدرسة حتى أنهى الثانوية العامة، وعرف عنه أنه طالب مجتهد مهذب وخلوق، رمز للشجاعة والتضحية، التحق بجامعة القدس المفتوحة بطولكرم قلعة الشهيد القائد أسعد دقة لينتظم بصفوف إخوانه في الجماعة الإسلامية الإطار الطلابي لحركة الجهاد الإسلامي ليكون ناشطًا في الاستقطاب والدعوة، ولكن سرًا حتى يبقى دائمًا في حالة تواصل مع الطلبة.
صفاته وأخلاقه
الشهيد المجاهد كان ممن يرددون قوله تعالى: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾ [الإسراء: 23 ]، نعم لقد عُهد بارًا بوالديه لم يعرف عنه أو يسمع أنه أغضبهما، بل حرص دائمًا على رضاهما؛ لأنه متيقن أن الجنة مقرونة بطاعتهما، والشهيد المجاهد محمد من رواد المسجد يسعى دائمًا ألا تفوته صلاة الجماعة لما لها من أجر عظيم عند الله تعالى، وعرف أنه صاحب ابتسامة دائمة لا تزول عن وجنتيه، بل عهده الجميع أيضًا عطوفًا محبًا لكل إخوانه ويقدمهم دائمًا على نفسه وإن لم يكن أكبرهم سنًا.
مشواره الجهادي
الشهيد الفارس محمد من الدائمين على الصلاة في المسجد يحرص دائمًا ألا تفوته صلاة المسجد، ومع تردده على بيوت الله التقى في بيت الله مع إخوانه أبناء الجهاد الإسلامي الذين يصرون على ضم رواد المساجد إليهم.
فضل شهيدنا المجاهد محمد العمل بسرية مطلقة لم يحب أن يظهر في عمله؛ لأنه يعلم أن العمل لوجه الله فقط.
مع بداية انتفاضة الأقصى انضم الشهيد الفارس محمد إلى صفوف سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي حيث إن السرايا تعمل على تجنيد المعروف بصدقه وإخلاصه، وشهيدنا المجاهد محمد تحت المجهر تراقبه سرايا القدس؛ لأنه عد مثالاً يحتذى به عابدًا صادقًا مع الله، ومع انضمامه إلى السرايا أخذ بالعمل على نصب الكمائن وزرع العبوات الناسفة لقطعان المستوطنين وجنود العدو، فرز فارسًا شجاعًا مقدامًا لا يخشى إلا الله حتى إنه في الاشتباكات العسكرية مع الجيش لا يبعد عنهم سوى أمتار قليلة وهو يرشقهم برصاصه الجهادي، إنه دائمًا لا يسمع إلا صوت رصاصه يزغرد باتجاه المحتل، والشهيد المجاهد محمد على صلة قوية بالشهيد القائد أحمد عجاج حيث عمل معه في الكثير من المواقع الجهادية.
أصبح شهيدنا المقدام محمد مطلوبًا للاحتلال قبل استشهاده بسنة ونصف وذلك بسبب نشاطه الفاعل جدًا في صفوف السرايا، وقد أزعج الصهاينة بكمائنه التي قتل وأصيب بها العديد من الجنود والمستوطنين.
موعد مع الشهادة
في رمضان شهر الانتصارات والبطولات الإسلامية شهر المغفرة والرحمة، وبينما الشهيد المجاهد محمد في زيارة خاطفة إلى أهله تمكنت وحدة صهيونية خاصة من اقتحام منزل والده، فانطلق الشهيد المجاهد محمد ليخرج من الباب الخلفي للمنزل وإذا بالجنود يحيطون بالمنزل من كل مكان وأخذوا بالنداء عليه بالتوقف إلا أنه رفض نداءهم وأخذ يركض ليتوارى عن عيون الجنود الذين أذاقهم أصنافًا من العذاب في كثر من المواقع.
وبعد أن تحصن بأحد المواقع أخذ يمطرهم برصاصه، واستمر الاشتباك لفترة حتى سكت رصاص الشهيد المقاتل محمد معلنًا ارتقاء صاحبه إلى جوار ربه في 17 نوفمبر (تشرين الثاني) 2002 م، ارتقيت يا شهيدنا الفارس محمد نجماً في سماء الوطن تعلن للجميع أن هذه الأرض المباركة لا تقبل بوجود المحتل عليها، أنت من صنع العز لبلادي فلك منا كل تحية يا شهيد الحق، أنت الذي بدمك الطاهر تشعل ثورتي وتعلن للعالم أن أرضي لا تعود إلا بدمي.
والدة الشهيد تحدثت قائلة:" في 7 رمضان تحدثت إلى ابني الشهيد محمد أنني أريد أن أخطب لك وأزوجك، فرد علي أنه لن يتزوج من بنات الدنيا وأنه أوصى الشهيدة أمينة عبد الغني (أم إياد) على 70 حورية"، وما هي إلا أيام قلائل من هذا الحوار بين محمد ووالدته حتى نال الشهادة كما تمنى.