الاستشهادي المجاهد "سامر سميح حماد": بطل عملية تل أبيب النوعية
الإعلام الحربي _ خاص
«قوافل الاستشهاديين قادمة والمقاومة جاهزة للرد وليعلموا أننا نحب الشهادة والموت مثلما يحبون الحياة» كلمات رددها الاستشهادي سامر سميح محمد حماد في الوصية التي سجلها على كاسيت فيديو وزعته سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي معلنة فيه تبنيها لعملية تل أبيب التي أدت إلى مقتل وإصابة العشرات من الصهاينة في ذروة الاستنفار الصهيوني والاحتياطات الأمنية التي واكبت ما يسمى عيد الفصح اليهودي.
وظهر الاستشهادي الذي ارتسمت على وجهه ابتسامة يحمل سلاحا وهو يتلو وصيته التي ترجمت اصرار حركة الجهاد على تصعيد المقاومة ضد الاحتلال وليؤكد أن المقاومة مستمرة في عملياتها وخرق التحصينات الصهيونية بل وسلسلة الإجراءات الصارمة التي اتخذت , فقد اعترفت قوات الاحتلال أنها تلقت انذارات متعددة حول التجهيز لعملية كبيرة , ولذلك نفذت عمليات متواصلة في منطقة جنين وخاصة في مخيم جنين بدأت قبل وقوع العملية بأيام وكانت لا زالت مستمرة حتى عندما فجر حماد نفسه في تجمع صهيوني لتكون العملية الثانية في نفس الموقع خلال ثلاثة شهور.
الميلاد والنشأة
ولد الاستشهادي المجاهد سامر سميح حماد في قرية العرقة قضاء جنين بتاريخ 19-6-1984م، وهو الابن الخامس في أسرته المكونة من 11 فرداً منهم ثلاثة ذكور وست من الإناث.
تلقى الاستشهادي المجاهد سامر تعليمه في مدارس القرية حتى بلغ الثانوية العامة التي حاز فيها تقدير جيد إلى أن دخل جامعة القدس المفتوحة قسم الخدمة الاجتماعية، ولكن سرعان ما غادر مقاعد الدراسة بسبب الظروف المادية الصعبة التي تعيشها أسرته.
صفاته وأخلاقه
قالت والدة الشهيد سامر: «منذ صغره عهد شجاعاً وذكياً ومحبوباً من الجميع بسبب حسن أخلاقه وطيب معشره».
فيما يقول رفاقه وأصدقاؤه: «إن الشهيد سامر كتوم محب لوطنه وعاطفي مرهف الإحساس، ولكنه كبر بسرعة وحمل السلاح وانضم إلى قافلة الشهداء ببطولة وشجاعة ليؤكد أن شعبنا لن يستسلم».
يعرف عن شهيدنا المجاهد سامر أنه تأثر كثيراً بما يدور حوله من صراع مع الاحتلال وقتله لأبناء الشعب الفلسطيني على مرأى ومسمع من العالم كله دون أن يحرك أحد ساكناً، وهو أمر زرع في قلبه حب الجهاد والمقاومة لأجل النيل مـن الاحتلال.
مشواره الجهادي
يقول أحد أصدقاء الشهيد المجاهد سامر إنه انضم إلى صفوف سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي خلال انتفاضة الأقصى، وبحكم الاشتباكات اليومية بين نشطاء المقاومة والاحتلال قرر شهيدنا الفارس سامر خوض المواجهة ضد الجنود الصهاينة عبر رشقهم بالحجارة ليصبح بعد ذلك واحداً من الأبطال الميامين الذين يحملون أرواحهم على أكفهم طلباً للشهادة.
وأضاف صديق الشهيد قائلاً: «سامر شاب متدين وخلوق ومجاهد ومن شباب المسجد حيث يداوم على إقامة الصلوات جميعها فيه، ولم يتخل عن ممارسة واجبه النضالي من خلال المشاركة في المسيرات والمواجهات إضافة لنزاهته وحسن تعامله مع الناس».
تفاصيل العملية
في يوم الاثنين الموافق 17 - 4 - 2006م انطلق الاستشهادي المجاهد سامر سميح حماد من مدينة جنين وهو يحمل حزاماً ناسفاً يزن 13 كيلو غرام من المتفجرات حيث اخترق كافة الحواجز الصهيونية، وفي حوالي الساعة 1:30 ظهراً قام بتفجير نفسه أمام مطعم "روش هعير" قرب المحطة المركزية القديمة للحافلات وسط مدينة تل أبيب المحتلة مما أدى إلى مقتل 11 صهيونياً وإصابة 70 آخرين.
وأعلنت سرايا القدس عبر كاسيت فيديو وزعته على وسائل الإعلام مسؤوليتها عن العملية الإستشهادية البطولية، وأن منفذ العملية هو الاستشهادي المجاهد: سامر سميح حماد (22 عاماً) من قرية العرقة غرب محافظة جنين.
وقالت السرايا:" إن عملية تل أبيب هي الأولى في سلسلة عمليات ستنفذها السرايا التي شكلت مؤخراً في الضفة الغربية كتيبة أطلقت عليها اسم كتيبة الاستشهاديين وتضم سبعين استشهادياً واستشهادية وسيقومون بسلسلة عمليات في العمق الصهيوني في مناطق مختلفة في مواجهة حملة الاعتداء الصهيونية على الشعب الفلسطيني".
ورغم قصر الوصية التي تلاها الاستشهادي سامر وهو يحمل سلاحاً وعلى جبينه عصبة سوداء كتب عليها سرايا القدس فإنه أكد أن عمليته هدية للأسرى والمعتقلين القابعين في السجون الصهيونية بمناسبة يوم الأسير الفلسطيني. ورداً على جرائم الاحتلال ومجازره وتأكيداً على استمرار المقاومة.
الفخر والاعتزاز
أما في قرية العرقة التي تبعد 13 كيلو متر عن جنين فقد امتزجت مشاعر الفخر والاعتزاز التي أعلنت والدة الاستشهادي مع دموع الحزن والألم التي تغلبت عليها بإعلانها عن فخرها واعتزازها بعملية ابنها التي يتحمل المسؤولية الأولى والأخيرة عنها الاحتلال الذي يواصل القتل والاغتيالات والعدوان الذي وصل حد تهديد لقمة عيشنا وتجويعنا على حد تعبيرها.
فالقرية الصغيرة التي يعيشها أهلها كاسرة واحدة سارعت فور سماعها نبأ العملية للتوافد على منزل عائلة حماد لمؤازرتها ورفع معنوياتها وللتخفيف من حزنها كما قال احد أقارب الشهيد , فمشاعر الفخر والاعتزاز كبيرة ولكن هناك مساحة من الحزن على فقدان الأحبة وسامر كان أحب الأبناء لعائلته , وبينما التفت نساء القرية حول والدة وشقيقات الشهيد , فان العشرات من الشبان تطوعوا لإخلاء المنزل من محتوياته تحسبا من قيام قوات الاحتلال بهدمه للانتقام من العائلة ولكن هذه الانتقام كما تقول سامية حماد والدة الاستشهادي لن يخيفنا وتهديدات الاحتلال لن تخيفنا بعدما فقدنا ابني الذي اعتز ببطولاته فقد كثر حديثه في الآونة الأخيرة عن الشهادة والشهداء وتأثر كثيرا من مشاهد الموت والدمار التي صنعها الاحتلال في جنين ونابلس وغزة وكان يردد دوما أنهم قتلة ويجب معاقبتهم وقد قرر واختار بسرية ووحيدا ولا نملك سوى ان ندعو الله ان يتقبل شهادته ويجعل مأواه الجنة التي كان يدعوا الله ان يجعلها من نصيبه في كل صلاة ومناسبة.
اللحظات الأولى
وبينما كان بعض الشبان يرفعون رايات الجهاد الإسلامي في أزقة القرية , افترشت سامية الأرض , بينما كانت تتعالى الأصوات بعضها يبكي وأخرى تناشد الجميع أن لا يبكوا لان سامر رحل شهيدا في عملية بطولية كما قالت شقيقته والشهيد يفتخر به ولا يبكى عليه , أما والدة الاستشهادي الأول في القرية نظير أبو حماد الذي نفذ عملية في العفولة فجلست لجانب سامية تشد أزرها وتطلب من النساء ان يباركن لها ويهنئنها بشهادة ابنها وقالت لا نريد التعازي من احد ولا نريد الدموع قدموا التهاني بسامر الذي رفع رأس كل فلسطيني عاليا.
مشاعر الأم
على بوابة منزلها انتصبت الأم تحمل صور الشهيد وهو يحمل سلاحا ويرسم نفس الابتسامة التي ظهرت في وصيته, وسرعان ما قاومت دموعها وقالت لمراسلنا الله يرضى عليه عاش بطل واستشهد بطل لقد أيقظته صباحا كما طلب مني بعدما أمضى ليلته معنا دون أن نشعر بأي شيء وبعدما تناول فطوره ودعني وقبلني وقال انه ذاهب لعمله وكان هذا اعتقادي حتى سمعت اسمه في الأخبار فبكيت لأني لم اشعر به ولم أودعه ولكني أتذكر كلمات عدة كان يرددها مؤخرا فكان يقول أن الحياة لم تعد تطاق في ظل الموت الذي يلاحق شعبنا في كل مكان وفي مرة قال لي انه زهق من هذه الظروف ولم يعد يحتمل مشاهد الموت والدمار وأضافت في البداية عندما سمعت باستشهاده حزنت وفرحت ولكني على قناعة راسخة ان سامر جسد بطولة كبيرة وأنا اعتز بعمليته وأملي أن يكون كل شباب فلسطين أبطال مثله ليدافعوا عن الحق الفلسطيني المغتصب.
الحمد لله على كل شيء ولن نندم فسامر بطل وأدعو الله أن يسلحني بالصبر وأقول له اللهم ارضى عليه مأواه الجنة ولا حول ولا قوة إلا بالله".
سامر ليس إرهابياً
ورغم قلقها وخوفها على مصير زوجها الذي اعتقلته قوات الاحتلال قالت إن ابني ليس إرهابيا وما قام به عمل بطولي يتحمل مسؤوليته الاحتلال وأقول للعالم إن الاحتلال السبب , لأنه لا يستثني احد في جرائمه ومجازره وعملية ابني لا تستحق الإدانة بل الاحترام والتقدير ولن نخاف المحتل وعقابه وعلى العالم أن يتوقف عن الانحياز للمحتل ولن اسمح لأحد بوصف البطل سامر بالإرهابي , أما سميح فجلس بين رفاقه يقبل صورة شقيقه ويقول انه بطل كبير ضحى بنفسه من اجلنا وفي سبيل قضيتنا وأنا افتخر به لأنه قام بواجبه ككل فلسطيني لزوال الاحتلال. ويضيف في الفترة الأخيرة كان كل حديثه عن الشهداء وحبه للشهادة ويتمنى أن يموت شهيدا والآن أدركت جوهر ومعاني كلماته بعدما اعتقدت انه كان يمزح.
والد الاستشهادي
وفي منزل مجاور لعائلة الاستشهادي احتشد رجال وشبان القرية حول والده الأسير المحرر سميح الذي أمضى عدة سنوات في سجون الاحتلال بتهمة المشاركة في أعمال مقاومة , وبعد خروجه من السجن كرس حياته لتربية أبناءه التسعة , ويقول: اعمل موظفا في بلدية جنين وبسبب ظروف الحياة القاسية اضطررت لإخراج سامر من الجامعة التي كان يحبها حيث كان يدرس مادة خدمة المجتمع وها هو يكرس حياته في سبيل شعبه وقضيته.
في ذلك المنزل اصطف طابور طويل من الأهالي الذين عانقوا والد الاستشهادي بحرارة بينما كانت تمتزج لديه مشاعر الحزن بالفرح وهو يقول لطالما عانينا من الاحتلال الذي اغتصبت سجونه سنوات طويلة من عمري , وقد قاسيت كثيرا لتوفير قوت أطفالي خاصة وان الاحتلال منعني من العمل داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 48 ولكن سامر اخترق كل الحواجز ونفذ عمليته في سبيل وطنه وقضيته وشعبه لذلك فان مشاعري مزيج من الحزن لأنه كان يساعدني في إعالة أسرتي ومشاعر من الفرح ومع ذلك اقول الله يرضى عليه ويتقبل شهادته , وأضاف نعم سيكون هناك عقاب وغضب صهيوني فقد اعتقلوني وحققوا معي ولكن ابني بطل.
الوصية
وتعالت الهتافات في منازل قرية العرقة لدى عرض أجهزة الإعلام لوصية سامر الذي صور شريطا قبل تنفيذه للعملية وهو يستعرض بأسلحة خفيفة حيث أعلن انه ينتمي إلى خلية الشهيد لؤي السعدي التابعة لسرايا القدس التي تنفذ العملية كما قال ردا على جرائم الاحتلال ومجازره وتأكيدا على استمرار المقاومة".
ورغم قصر الوصية التي تلاها سامر وهو يحمل سلاحا وعلى جبينه عصبة سوداء كتب عليها سرايا القدس فانه أكد ان عمليته هدية للأسرى والمعتقلين القابعين في السجون الصهيونية بمناسبة يوم الأسير الفلسطيني.
تعليق العدو
أثارت العملية ردود فعل غاضبة في الأوساط الصهيونية التي فشلت في معرفة الطريق الذي سلكه الاستشهادي ووصوله لموقع محصن وتفجير نفسه وتحقيق الهدف، لتتعالى الأصوات بالرد الفوري حتى وصلت حد صدور قرار عن وزير الحرب الصهيوني آنذاك شاؤول موفاز بعد اجتماع مع المؤسسة الأمنية العسكرية الصهيونية باستهداف الدكتور رمضان شلح الأمين العام السابق لحركة الجهاد الإسلامي، واعلان حرب شرسة ضد حركة الجهاد، التي احتفلت بشهيدها في مسيرات حاشدة نظمتها قي قرية العرقة غرب جنين مسقط رأس الاستشهادي.
وقد أحدثت العملية هزة كبيرة في الكيان الصهيوني برزت في عناوين الصحف الرئيسية فصحيفة "يديعوت أحرنوت" الصهيونية كتبت في صفحتها الأولى والرئيسية عنوان تحت اسم "الجهاد يحطم عيد الفصح"، حيث تناولت خلاله ظروف العملية الإستشهادية وكيفية وصول الاستشهادي رغم الاحتياطات الأمنية التي اتخذتها قوات الاحتلال، كما تناولت الصحيفة في تعليق لأسرة تحرير الموقع خبر العملية تحت مسمي "جهاد في الفصح" وتناولت خلالها قدرة الجهاد الإسلامي على تنفيذ عمليات أخرى رغم الحصار والعمليات العسكرية ضد عناصره شمال الضفة الغربية المحتلة خصوصاً.
وكتبت صحيفة "معاريف" في صحفتها الرئيسية خبراً تحت عنوان "وجبة الغذاء أصبحت كابوساً" وتناولت فيه قدرة الجهاد الإسلامي على تنفيذ عملية استشهادية أخرى في المكان ذاته الذي استهدفته منذ ثلاثة أشهر في عملية مماثلة وفي المكان ذاته، بالإشارة إلى عملية الاستشهادي المجاهد سامي عنتر من سرايا القدس التي نفذها بتاريخ 19-1-2006م، وأدت لمقتل واصابة عدداً من الصهاينة.