الاستشهادي المجاهد "حسن أحمد أبو زيد": منفذ عملية الخضيرة البطولية
الإعلام الحربي _ خاص
هم الأبطال الذين أذاقوا العدو الويلات بعملياتهم النوعية والبطولية، فاقتحموا السدود والحصون وضربوا العدو في عقر داره، رغم الاحتياطات الأمنية المشددة، ليؤكدوا من جديد أن لا حدود تمنعنا من الوصول إليكم أيها الصهاينة الجبناء في كل زمان ومكان، كي نذيقكم كاس المنون، ونمزق أجسادكم إلى أشلاء، ولنقول لكم أن لا وجود لكم فوق هذه الأرض المباركة.
تطل علينا اليوم 26-10 ذكرى عملية الاستشهادي "حسن أحمد أبو زيد" من سرايا القدس والتي نفذها في السوق التجاري لمدينة الخضيرة المحتلة, وأدت إلى مقتل 6 صهاينة وإصابة العشرات, واخترقت الحصن الأمني للكيان الصهيوني وضربته في العمق.
الاستشهادي في سطور
الاسم: حسن أحمد حسن أبو زيد
تاريخ الميلاد: 5-10-1985
الوضع الاجتماعي: أعزب
المحافظة: جنين
مكان السكن: قباطية
تاريخ الاستشهاد: 26-10-2005
كيفية الاستشهاد: استشهادي
مكان الاستشهاد: مجمع تجاري - مدينة الخضيرة المحتلة
في الحي الشرقي من قباطية، كبرى بلدات محافظة جنين، وفي منزل متواضع احتضن الاستشهادي حسن أحمد أبو زيد في طفولته وشبابه الذي لم يكتمل، ولا يزال يحتضن أسرته المقهورة لا على فراقه فحسب، بل بسبب معاقبة سلطات الاحتلال لجثمانه على مدى أكثر من ست سنوات، وبسبب عجز الهيئات الدولية والمحلية.
أمل الأسرة في استرداد جثمانه بات معلقاً بعملها ونشاطها في أطار الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء، عل أرض قباطية التي احتضنته حياً تحتضن يوماً جثمانه وتكرمه بما يليق بشهيد فدى نفسه للوطن فقدم روحه وجسده قرباناً لما آمن به وعمل من أجله لينال شهادة الشرف مرتين، مرة باستشهاده وأخرى باحتجاز جثمانه.
قباطية.. بلد الحجر الأبيض والزرع والزيتون الأخضر، المعروفة بصلابة وعناد أهلها بالحق، وبحفاظهم على قيم الحياة النبيلة، قارعت الانتداب والعصابات الصهيونية منذ ثورة 1936-1939، دافعت عن نفسها بدم أبنائها ودم المساندين من العرب فكان لسهولها شرف احتضان شهداء الجيش العراقي في معارك الدفاع عن فلسطين عام 1947، خاضت غمار المقاومة مبكراً بعد ان خذلت عام 1967، كانت أول من لفظت من خانها في الانتفاضة الأولى عام 1987 وجعلتهم عبرة على رؤوس أعمدة الكهرباء، فتحت بيوتها عريناً للفهد الأسود، على أشجارها عشعش النسر الأحمر، في سمائها سطع النجم الأحمر، وفي حواريها التقى الأخوة والرفاق والمجاهدين مؤكدين رفضهم تصنيف المقاومين وتقسيم أبناء الشعب فكانت مثالاً لوحدة الدم والإرادة.
في هذه البيئة تربى الاستشهادي المجاهد حسن الابن الأصغر لميكانيكي السيارات ' أبو رامي '، آثر العمل مع والده في مهنته للإسهام في إعالة عائلته المكافحة من أجل لقمة العيش، كان مطيعاً لوالده، وخلوقاً مع أسرته وأبناء بلدته ما اكسبه احترام الجميع، أحب فلسطين وشعبها، وهاله مشاهد القتل والتنكيل بأبنائها فقرر الرد بطريقته، فقتل ستة منهم وأصاب نحو خمسين بجراح حين فجر نفسه في مجمع تجاري وسط مدينة الخضيرة، في شهر رمضان عام 2005.
أعوام مضت على استشهاده وجرحنا لازال غائراً، تقول والدة الشهيد، غليان يجري في عروقي، لا يهدأ لي بال مطلقاً، أتذكر كل حركة له في هذا المنزل، افتقده بالأعياد وفي كل مناسبة.
فجأة تغيرت ملامح حسن، أصبح أكثر جدية وأكثر حرصاً على تفاصيل حياتنا، تضيف الوالدة أم رامي بينما الدمع لا يفارق عينيها وهي تروي تفاصيل الأيام الأخيرة التي سبقت استشهاده، فيما والده الستيني الذي بدا أكثر ثباتاً وتماسكاً مبدياً إصراره على متابعة قضية استرداد جثمان ولده يضيف: كان يردد انه سيستشهد وانه يحب الشهادة وهذا ما كان يقلقنا، ويضيف: كان شعور أمه صائباً ونقلت لي إحساسها تجاه حسن فقررت ان أدفعه للسفر الى الأردن، ووقعت مشادة حادة بيننا انتهت الى وعد من حسن بالعدول عما يجول في خاطره، وان يلتزم بالمهنة المشتركة بيني وبينه حتى أصبحت اعتمد اعتماداً كلياً عليه، كان ذلك كله قبل شهر ونصف من استشهاده.
ولكن تبين ان ذلك لم يكن سوى رسالة تطمين وهمية هدفت لترطيب الأجواء بيننا، فيما استمر هو على ما يبدو في تحضيراته للمضي قدماً في انجاز مهمته الجهادية.
ويضيف الوالد، في شهر رمضان وقبل أيام من استشهاده، لم يكن حسن الذي عرفناه، كان دائم التفكير، مقل في تناوله للطعام ويكثر من الصلاة في كل الأوقات ويقرأ القرآن الكريم طوال الليل وازداد تديناً في الفترة الأخيرة قبل استشهاده.
ويواصل أبو رامي: حتى قبل استشهاده بيوم، كانت والدته تحضر الخبز العربي في الطابون، أشارت الى حسن لمساعدتها، فطلب منها ان ترتاح لأنه سيقوم بكل ما يلزم لتحضير خبز الطابون، وكذا فعل معي، حيث طلب مني ان ارتاح في ذلك اليوم وانه سيقوم بتصليح السيارات بدلاً عني، وفي نهاية يوم العمل قام بترتيب المحل بطريقة غريبة، حيث وضع كل شيء في مكان واضح وصنّف العدة حسب الأصول حتى يريحني، لم انتبه لذلك حينها لأنه كان قد أعطى انطباعاً بعد إشكالنا الأخير معه بأنه أصبح أكثر حباً للحياة وأقل اهتماماً بالسياسة.
أخبرني بأنه سيعمل في محل بمنطقة الفارعة، تقول أم الشهيد، وطلب مني ان أوقظه وقت السحور رغم أنه لم يكن يهتم بهذه الوجبة الرمضانية، عند السحور وجدته مستيقظاً قبلي، سألته عما يرغب به من طعام، فأجاب انه لا يريد ان يتعبني وانه سيقوم بتحضير وجبته بنفسه، لم يكن القلق عليه قد غادرني، تضيف أم رامي، فبادرته مباشرة بمجموعة أسئلة حول عمله الجديد في مجال تصليح السيارات كما قال، وسألته مع من سيذهب وأين مكان الالتقاء، وكان يجيب باقتضاب 'هنا مع أصدقائي' دخل المطبخ لتناول السحور، ثم زار غرفة اخواته البنات وتفقد أحوالهن وهن نيام، وغادر البيت بعد أذان الفجر الأول.
مر وقت دون ان يتصل، وكان هاتفه النقال مغلقاً حين حاولنا الاتصال به للاطمئنان عنه، ثم وجدنا الهاتف وقد تركه في المنزل، خطر لي انه اعتقل على يد الصهاينة، تتابع أم الشهيد، عند العصر سألت صديقه الذي اخبرني حسن بأنه سيذهب معه للعمل، فأجابني الصديق بأن لا علم له بذلك، عندها دق ناقوس الخطر، واعتقدت جازمة انه اعتقل بتهمة كبيرة.
في الأثناء سمعت بناتي وأختي نبأ وقوع عملية استشهادية في الخضيرة، وتوقعن ان حسن هو بطلها، لكن أحدا لم يخبرني بذلك، كنت أبكي وأدور حول نفسي، ابحث في خبايا البيت والحديقة، حتى كان آذان المغرب وحضر أبو رامي، فتوسلته ان يسأل عن حسن، ولكنه رد مقاطعاً بشكل فاجئني وصدمني ' هناك عملية في الخضيرة وان منفذها بلا أدنى شك هو حسن' وهذا ما تأكد بعد قليل حين أعلنت مكبرات الصوت في مساجد قباطية خبر العملية ونعت الاستشهادي حسن.
رد الاحتلال .. عقاب الأسرة
لم يتأخر رد الاحتلال، ففي سياق سياسة العقاب الجماعي اعتقلت قوات الاحتلال في ذات اليوم والد حسن لمدة ثمانية أيام خضع خلالها للتحقيق، ويروي أبو رامي: لقد أراد المحقق تعذيبي ليس فقط بإبعادي عن أسرتي الحزينة على فقدان حسن، بل وصل بهم الأمر لكي يعرضوا علي صورة لحسن لا تظهر إلا رأسه، وهو يقول لي هذا ما تبقى من ولدك، مجرد رأس بلا روح، وقد استمر التحقيق معي طوال الأيام التي قضيتها عندهم.
أما والدة حسن والتي كان قد سيطر الذهول والصدمة عليها جراء سماعها لخبر استشهاد ابنها واعتقال زوجها فتقول: لم أدرك ما يجري حولي، ساد هرج ومرج شديد في البلدة، وانتشر خبر نية قوات الاحتلال بهدم المنزل، فساهم جميع الأهالي بتفريغ البيت من محتوياته استعداداً لتنفيذ الهدم، وبقينا في وضع مضطرب لمدة شهر ونصف الشهر، الى ان بدأنا بالعودة التدريجية الى المنزل.
يبتسم والد حسن بمرارة ويضيف: لقد عشنا ظروفاً استثنائية، غريبة عنا كأسرة ولكنها ليست كذلك بالنسبة للفلسطينيين.
ساد صمت ثقيل عند السؤال عن الطرق التي اتبعتها العائلة لاسترداد جثمان الشهيد قبل ان يقول أبو رامي انه في البداية لم يتم التوجه لأحد لعلمه المسبق بصعوبة ان لم يكن استحالة استلام جثمان ابنه، فهو سمع عن حالات عديدة في منطقة جنين، وبات يعرف ان الاحتلال يحتفظ بما يتبقى من جثامين الشهداء أما في مقابر الأرقام أو في ثلاجات، ويرجح ان جثمان حسن موضوع في ثلاجة، حيث علم من مصادر صحفية ان كافة الذين استشهدوا بعد عام 2005 لم يدفنوا وإنما وضعوا في ثلاجات.
ويتابع أبو رامي بأن الصليب الأحمر الدولي اتصلت به وأبلغته أنها ستتابع ملف جثمان حسن، فتوجه اليهم لتعبئة استمارة للشهيد وأرسل طلب المطالبة بجثمان حسن، ولكن المنظمة الدولية أبلغته بأنها لا تعد باسترداد الجثمان فهي لا تملك القوة ولا القرار بذلك، ويضيف ان أي جهة رسمية فلسطينية أو دولية لم تتواصل معه بل لم تثر القضية، ويستدرك، باستثناء الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء التي ينشط معها أبو رامي ويتفاعل مع اللقاءات والمسيرات والأنشطة التي تنظمها في منطقة جنين حيث يوجد حوالي 40 عائلة أخرى يحتجز الاحتلال جثامينهم أو ما تبقى منها منذ فترات طويلة.
الكيان يعاقب العظام
ألا يستحق حسن المسلم أن يدفن على الطريقة الإسلامية ويصلى عليه؟ يتساءل والده، فيما تمضي الوالدة قائلة بحزن وأسى: اشتاق لحسن، وارغب في زيارة قبره وقراءة الفاتحة عن روحه، هذا أملي الذي لم يتحقق، قلوبنا غامرة بالحزن والأسى ولن يزيل ذلك سوى معرفة مكان وجود الجثمان ورؤيته.
ويؤكد أبو رامي: ان المسألة ليست مرتبطة بمناسبات محددة لنتذكر حسن، فصورته لم تغب عن أذهاننا وذكراه في قلوبنا، ولكم ان تتصوروا حجم الضغط النفسي علينا ونحن لا نستطيع ان نحدد أين حسن على هذه الخارطة، مشيراً الى خارطة فلسطين التاريخية، فكأن حسن لم يكن، والاحتلال يريد لنا ان نتعايش مع هذا، ولكن أقل ما نريده هو رؤية الجثمان اذا كان في ثلاجة أو زيارة قبر مرقم ان كان في مقبرة الأرقام. ويضيف فيما الدمع يتلألأ في مقلتيه: أهذا كثير علينا ؟! ألسنا كباقي البشر ؟! أيعاقب حسن بذلك أم والدته وأنا ؟!.
قباطية تحتضن جثمان الاستشهادي أبو زيد
شيع آلاف من أهالي بلدة قباطية جنوب مدينة جنين شمال الضفة الغربية المحتلة رفات الاستشهادي المجاهد حسن أحمد أبو زيد أحد مجاهدي سرايا القدس، والذي سلم جثمانه ضمن شهداء "مقابر الأرقام".
ودعا الأسير المحرر الشيخ خضر عدنان القيادي بحركة الجهاد الإسلامي إلى الاستمرار بالسير على درب الشهداء والتمسك بثوابتنا الوطنية وتجسيد وحدتنا حتى نستمر في المقاومة لنيل حقوقنا المشروعة.
وقال محافظ جنين طلال دويكات خلال التشييع: إنّ "الاحتلال لا يكتفي بإرهاب الدولة المنظم، بل لا يزال يحتجز أكثر من 250 شهيدا، وهذا هو الاحتلال والاستبداد والظلم والقهر، والذي يمارسه بحق الشهداء بعد احتجاز جثامينهم لسنوات طويلة".
وقال عصام العاروري في كلمة اللجنة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء: إن رسالتنا في هذا العرس الوطني إلى صناع القرار وفصائل العمل الوطني أن عليكم بالوحدة الوطنية، والتأكيد على الحفاظ على دماء الشهداء، ومزيدا من العمل الوطني بانتماء".
وقدم والد الشهيد حسن أبو زيد الشكر لكل من ساهم في تمكنهم من دفن رفات شهيدهم وشهيد فلسطين، والذي كان غيابه يتسبب في جرح أليم للعائلة.
سرايا القدس تتبنى العملية
أعلنت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين مسؤوليتها الكاملة عن العملية الإستشهادية في مدينة الخضيرة المحتلة والتي نفذها الاستشهادي المجاهد حسن احمد أبو زيد (21 عاماً) من قباطية قضاء جنين.
وقالت سرايا القدس:" أن العملية تأتي في إطار الرد الأولي على اغتيال الشهيد لؤي السعدي (32 عاما) قائد سرايا القدس في الضفة الغربية والذي استشهد في عملية اغتيال صهيونية بطولكرم شمال الضفة المحتلة وارتقى برفقته مساعده الشهيد المجاهد"ماجد الأشقر".
وأضافت «لن يرى العدو منا الا ما رآه من شهيدنا لؤي السعدي وسيخرج له استشهاديونا من كل مكان ليحيلوا ليله إلى نهار وسيندم على جريمته حيث لا ينفع الندم ولتذهب التهدئة إلى الجحيم بلا رجعة».
وصية الاستشهادي المجاهد حسن أبو زيد
بسم الله الرحمن الرحيم
أنا الاستشهادي ( حسن أحمد أبو زيد ) وهبت نفسي رخيصة في سبيل الله ثم ردا على اغتيال قوات الاحتلال للشهيد القائد ( لؤي السعدي) قائد ( سرايا القدس ) في الضفة الغربية وردا على اغتيال شهداء غزة وجنين.
وانه لجهاد جهاد نصر أو استشهاد
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوكم الشهيد بإذن الله حسن أحمد أبو زيد