الشهيد المجاهد "وائل ماهر عواد": باع الدنيا ومتاعها طمعاً في الآخرة ونعيمها
الإعلام الحربي _ خاص
للشهداء قصص وحكايات، يروي فصولها من عاشوا معهم زهرة ربيع حياتهم ونرجسها، وقصص أخرى يرويها دمهم الطاهر الذي سال ليروي ثرى فلسطين المتعطش للحرية.
للشهداء مع أرضهم قصة عشق خالدة وسرمديّة، أرضعتهم حب الأوطان لبناً، وأطعمتهم الشجاعة قصعة، وما زالت تلبس السواد والبياض لفراقهم، خرجوا منها فوارس وعادوا إليها شهداء، بعد أن وفوا بعهدهم لها.
بزوغ النور
ولد شهيدنا المجاهد وائل ماهر عبد الرحمن عواد بتاريخ 16-7-1989م في معسكر خان يونس قبل أن ينتقل للسكن في منطقة القرارة شمال محافظة خان يونس، وترعرع في كنف أسرة متدينة محافظة على تعاليم إسلامها، عرفت بأخلاقها مع جميع الجيران، هذه العائلة الذي تدعو أبناءها للالتزام في الصلاة منذ الطفولة، وتتكون أسرته من والديه وشقيقان وشقيقتان، والشهيد رحمه الله وتقبله.
مسيرته التعليمية
تلقى شهيدنا وائل تعليمه الابتدائي والإعدادي في مدرسة وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين بالقرارة ومن ثم أكمل دراسته الثانوية بمدرسة القرارة الثانوية، وترك في تلك الفترة مقاعد الدراسة واتجه نحو العمل المهني بسبب الأوضاع الصعبة التي يمر بها شعبنا الفلسطيني.
صفاته وأخلاقه
تعلق شهيدنا المجاهد "وائل عواد" بالجنة وما يقرب إليها من قول أو عمل، فلم تكن اهتماماته وميوله كما شباب اليوم، لكنه كان واسع العلاقات الاجتماعية، بما كان يتميز به من أخلاقاً عاليةً، وروحه المرحة المبتسمة المتفائلة فقد أحبه كل من عرفه حيث كان يقابل إخوانه بوجه بشوش ويلاطفهم دائما ويحاول إدخال السرور إلى قلوبهم.
وعُرف شهيدنا ببره بوالديه وطاعتهما ومحبته الشديدة لهما وكان شديد الحرص على نيل رضاهم، محباً لإخوانه، واصلاً لأرحامه.
ويقول والده أبو هيثم الذي بدا صابراً محتسباً لـ"الإعلام الحربي":" لقد منح الله ابني وائل الكثير من صفات النبل والأمانة والاحترام والشجاعة والصبر والإيمان بالله والرضا بما قسمه الله من رزق".
ولم يخفِ أبو هيثم حزنه الشديد على فقدان نجله الذي كان فاجعة لهم، لكنه استدرك قائلاً :" عزائي أنه صدق الله في طلبها وصدقه الله بإعطائه إياها بعد سنوات طويلة قضاها مجاهداً في سبيل الله"، مشيراً إلى أن نجله أصيب أكثر من مرة أثناء جهاده ضد جيش الاحتلال الصهيوني.
مشاعر الأم الفخورة
أما والدته أم هيثم فبدأت حديثها لـ"الاعلام الحربي" بكلمات الحمد والثناء لله على فضله ومنته، قائلة بصوت خافت حزين:" لقد كان ابني يتمنى الشهادة وكنت أقرأها في عيونه وإنني فخورة باستشهاده، وهذا فضل من الله سبحانه وتعالى أن اصطفاه شهيداً على أرض فلسطين قبلة الجهاد والمجاهدين"، سائلةً المولى عز وجل أن يلهمها وأسرتها الصبر والسلوان على فقدانه، وأن يعوضهم خيراً في الدنيا والآخرة.
ولفتت أم هيثم إلى أن نجلها الشهيد "وائل" كان عاقد قرانه، ومقرر زواجه في فترة عيد الأضحى الماضي، لكنه زف الى حور العين في جنات النعيم، ولا نزكي على الله أحد.
بدوره حدثنا شقيقه "أبو سيف" عن مدى علاقته وارتباطه بشقيقه الشهيد وائل، قائلاً: " تميزت علاقتنا كإخوة بالحب والاحترام المتبادل"، مؤكداً أنه يشعر بالألم والحزن الشديد على فقدانه، وخاصة عندما يتذكر له بعض المواقف الجميلة والكثيرة في حياة الأسرة.
وأشار خلال حديثه لـ"الإعلام الحربي" إلى حب شقيقه لفعل الخير، ومساعدة المحتاجين، مبيناً أن شقيقه كان يعلم يقيناً أن ما يقوم به من خير سيجده بعد رحلة سفره عن هذه الدنيا الفانية في البرزخ وجنات النعيم، فكان يكثر من عمل الخير.
أما أبناء أشقائه الطفلان ماهر (5 سنوات) وسيف الدين (4 سنوات)، فتحدثا عن حب الشهيد لهما وحرصه على اصطحابهم معه على دراجته النارية إلى شاطئ البحر، والبقالة لشراء السكاكر والحلوى، ومحال بيع الألعاب والملابس في المناسبات.
وعند سؤالهم عن أين ذهب عمهم الشهيد وائل ؟، تسابقا بالحديث عن ذهابه إلى "الجنة فوق في السماء".
درب الجهاد والمقاومة
انضم الشهيد وائل ماهر عواد إلى صفوف حركة الجهاد الإسلامي في عام 2003م ، حيث تميز الشهيد وقتها بمشاركته الفعالة في كافة الفعاليات التي كانت تدعوا إليها الحركة، ثم كان انضمامه لصفوف سرايا القدس في عام 2005م.
ويسجل للشهيد مشاركته الفعالة في التصدي للعديد من الاجتياحات في منطقة القرارة، حيث عرف عن الشهيد حبه للرباط على الثغور، حيث تعرض خلال عمله الجهادي لإصابة خطيرة خلال تصديه لاجتياح القرارة، لكن بفضل ومنته كتب له النجاة ليواصل مسيرته الجهادية، كما تعرض الشهيد لعدة محاولات اغتيال باءت جميعها بالفشل، حتى كان استشهاده.
وتميز الشهيد وائل خلال مسيرته الجهادية بالعديد من الصفات التي يجب أن يتحلى بها المجاهدين من السرية الشديدة والكتمان إلى درجة أنه كان يحرص على تنفيذ بعض المهمات الجهادية بنفسه دون أن يعلم احد بها.
وبسبب هذه الصفات تم اختيار شهيدنا للعمل ضمن الوحدة الصاروخية التابعة لسرايا القدس، والتي كان لها الباع الطويل في دك العمق الصهيوني بمعركة البنيان المرصوص الأخيرة بالصواريخ المباركة.
رحيل البطل
تقول والدته أنها وأسرتها فضلوا البقاء في البيت، ولكن عندما توغل جيش الاحتلال الصهيوني إلى داخل بلدة القرارة، وبدأت قذائف دبابتهم تدك منازل المواطنين بصورة عشوائية، فقررت الأسرة مغادرة البيت، ولكن الشهيد "وائل" أصر على البقاء داخل بلدة القرارة مع إخوانه المجاهدين، ونزلت الأسرة عند رغبته، وفي عصر يوم 7/23/ 2014م، في العشر الأواخر من رمضان، كان شهيدنا على موعد مع الشهادة بعد أن صلى صلاة العصر في مسجد الأبرار القريب من منزل عائلته. حيث خرج برفقة الشهيد المجاهد أحمد سحويل لتنفيذ مهمة جهادية، لكن طائرة استطلاع صهيونية استهدفتهم على بعد عشرات الأمتار عن منزل عائلته، حيث ارتقيا الشهيدان على الفور الى جنان عرضها السموات والارض.