الإعلام الحربي _ خاص
ما إن وصلت عقارب الساعة إلى التاسعة مساء يوم الجمعة، حتى زلزل إعصارٌ فلسطينيٌّ مدنَ كيان الاحتلال الصهيوني وفرض عليها حظر تجوال وحوَّلها إلى مدينة أشباح.
فبتوقيت البهاء، دكَّت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي مدنَ ومواقعَ الكيان بزئير رشقاتها الصاروخية المُكثَّفة وحمم نيران الهاون؛ رداً على جريمة الاحتلال باغتيال القائد تيسير الجعبري "قائد المنطقة الشمالية وعضو المجلس العسكري لسرايا القدس".
ووفق محللين ومختصين في شؤون العدو، فإن المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها سرايا القدس أثبتت في معركة "وحدة الساحات" قدرةً متميزةً على تحويل التهديد إلى فرصة، حيث تمكنت من كسر مفهوم الخروج إلى معركة محسومة النتائج التي تمثل واحدة من أهم مرتكزات العقلية العسكرية للجيش الصهيوني.
وقالوا إن عملية "وحدة الساحات" زعزعت أمن كيان الاحتلال وحطمت هيبة جيشه المهزوم، وتُبشِّر بميلاد فجرٍ جديدٍ من المقاومة والجهاد في تاريخ الشعب الفلسطيني.
وشددوا على أن القيادة والسيطرة كانت حاضرة بالنسبة لسرايا القدس، حيث هي مَنْ ضبطت توقيت المعركة على ساعتها من خلال توسيع رقعة الاستهداف، والاستمرار بالقتال وإطلاق الصواريخ حتى آخر ٥٠ ثانية من موعد وقف إطلاق النار.
السرايا أكثر قوة وثباتاً
الكاتب والمحلل السياسي، هاني العقاد، أكد أن حركة الجهاد الإسلامي باتت أكثر قوة وثباتاً بعد معركة "وحدة الساحات"، مشيراً إلى أنها لم تضعف أو تنهار؛ بالرغم من استشهاد عدد من قادتها وعلى رأسهم القائدين الكبيرين "تيسير الجعبري" و"خالد منصور".
وشدد العقاد، في حوار خاص لموقع السرايا، أن حركة الجهاد الإسلامي أثبتت أن المقاومة الفلسطينية لا زالت موحدة تحت راية واحدة، وهي راية الحق الفلسطيني، سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة.
وأوضح أنَّ سرايا القدس كان بإمكانها إطالة أمد المعركة، والصمود لوقت أطول؛ ولكنها أخذت بالاعتبار أن الاحتلال الصهيوني بدأ يتغول أكثر في الدم الفلسطيني من خلال استهداف المدنيين العُزَّل والتجمعات السكنية المدنية.
وبيَّن أن الحركة قبلت وساطة مصر بوقف إطلاق النار؛ حقناً للدماء ووقفاً لنزيف الدم الفلسطيني، لأنها تدرك أن هذا الاحتلال لا يرقب في الفلسطينيين إلاً ولا ذمةً.
ولم يستبعد المحلل السياسي أن تنشب المعركة مرةً أخرى، خصوصاً في ظل عدم التزام الاحتلال بالشروط أو بوقف إطلاق النار، لافتاً إلى أن المعركة مستمرة مع العدو الصهيوني، فهي صولات وجولات، ولا يمكن أن تقف عند هذا الحد، وأنه لا زال بجعبة السرايا الكثير.
وقال: "إن كيان الاحتلال يُحاول يائساً أن يفصل الضفة عن غزة، ويستبيح بهما كيفما شاء دون رادع، مستدركاً: "ولكن حركة الجهاد الإسلامي تصدّت لهذه المحاولات والمخططات الصهيونية، وأكدت على وحدة الساحات الفلسطينية وترابطها".
وأضاف، أنه في اللحظات الأخيرة قبيل دخول وقف إطلاق النار قيد التنفيذ أثبتت سرايا القدس أنها لا زالت قوية ولا زال لديها قدرة على المقاومة، من خلال الرشقات الصاروخية المكثفة.
وأشار إلى أن اغتيال الشهيد إبراهيم النابلسي ورفاقه في نابلس، هو امتداد لمعركة "وحدة الساحات"، حيث اعتبرت المقاومة الفلسطينية المعركة واحدة، وأكدت أنها مع الضفة المحتلة وستقاتل معها، ولم تسمح للاحتلال بالفصل بين الساحات الفلسطينية.
وتوقع أن تشهد الأيام القادمة مزيداً من الصلف الصهيوني، موضحاً أن العدو ما زال يبحث عن أهداف إستراتيجية في غزة سواء من حركة الجهاد الإسلامي أو غيرها من الفصائل الفلسطينية؛ إلا أنَّ المقاومة تستعد وتدرك جيداً هذه الأهداف ومدى التخطيط الصهيوني، وستحبطها على رأس قادة العدو وجيشه المهزوم.
تكتيك جديد
بدوره، يرى المختص في الشأن الصهيوني، خليل القصاص، أن سرايا القدس قادت معركة "وحدة الساحات" بتكتيك مختلف من خلال الإدارة الحكيمة للنيران والمديات.
وقال القصاص، في حوار خاص لموقع السرايا، "كان هنالك مفاجآت بالنسبة لتحديد ساعة الصفر بالنسبة للاحتلال، حيث كان يعتقد أنه سيمنع إطلاق عشرات الرشقات الصاروخية، عبر طائراته التي كانت تحوم في كل أجواء قطاع غزة، لكنه فشل ولم يستطع منع العاصفة الكبرى ورد السرايا".
وأضاف أن الحاضنة الشعبية مارست دوراً مهماً في تعزيز العمل الميداني، حيث كان أهالي القطاع ينظرون إلى السماء في تمام الساعة التاسعة، ويُهللون فخراً بصواريخ المقاومة التي كانت تدك العمق الصهيوني طيلة أيام العدوان.
وأكد أن سرايا القدس من خلال هذه المعركة، ثبَّتت معادلة وحدة الساحات، موضحاً: "ولعل ذلك كان عنوان هذه الجولة، ولكنها ليست استراتيجية جديدة بالنسبة لحركة الجهاد الإسلامي التي كانت دائماً تطالب أن يكون الشعب الفلسطيني شعباً موحداً".
وأضاف: "تُرجِمَ ذلك عملياً في معركة "سيف القدس" التي اندلعت شرارتها في أيار/ مايو 2021م، حينما انتفض كل الشعب الفلسطيني ومقاومته التي خاضت مجتمعة هذه المعركة؛ دفاعاً عن المقدسات الإسلامية وتأكيداً على الحق والكرامة الفلسطينية.
وشدد على أن "وحدة الساحات" حققت توازناً للردع مع الاحتلال الصهيوني، وكشفت حالة العجز والفشل الأمني الذريع للكيان، مشيراً إلى أن "منظومة القبة الحديدية التي كان يتفاخر فيها الاحتلال الصهيوني ويبيع الوهم للمستوطنين الصهاينة، فشلت في اعتراض صواريخ السرايا التي فرضت حظراً للتجوال الشامل في كافة أركان المدن الصهيونية المحتلة من تل أبيب شمالاً حتى بئر السبع جنوباً".
وأكد أن السرايا تستطيع أن تبقي هذا الكيان في هذه الحالة من الرعب والذعر، والبقاء في الملاجئ وإغلاق الموانئ وتحويل مسار الطائرات؛ رغم حالة الاستنفار التي كان يعيشها الاحتلال طوال 4 أيام قبل جولة التصعيد التي بدأها العدو باغتيال القائد "تيسير الجعبري".