الإعلام الحربي _ خاص
فجر السادس من شهر سبتمبر من العام المنصرم، استطاع ستة أسرى أبطال انتزاع حريتهم من سجن جلبوع الصهيوني الذي يُعتبر السجن الأشد تحصيناً وأمناً في كيان الاحتلال الصهيوني، ما شكَّل ضربةً أمنيةً قاصمة للمنظومة الأمنية والعسكرية الصهيونية، وفشلاً ذريعاً لهذا الكيان الغاصب.
ووفقاً لمحللين ومختصين، فإن الحركة الأسيرة من خلال هذه العملية البطولية، استطاعت تسجيل إنجازٍ وطني جديد، يضاف إلى سلسلة إنجازاتها وانتصاراتها، وأسست لمرحلة جديدة في الصراع مع الاحتلال.
وأوضحوا أن العملية كسرت الهيبة الصهيونية وعنجهية وصلف العدو، وساهمت في إعادة صياغة الوعي الوطني لجهة توجيه البوصلة نحو انتزاع الحرية من الاحتلال بالقوة والمقاومة، وليس بالتنازلات أو المفاوضات.
عملية أمنية بعقلية فلسطينية
الكاتب والمحلل السياسي، ثابت العمور، يرى أن الأسرى من خلال عملية انتزاع الحرية استطاعوا كسر هيبة المنظومة الأمنية الصهيونية، واختراق حصن يوصف "بالخزنة"، وحفر نفق في عملية أمنية غاية في التعقيد.
وقال العمور، في حديث لموقع السرايا، إن "أبطال جلبوع" خرجوا إلى "الفضاء" وتجولوا في فلسطين حتى وصلوا إلى جنين، رغم كل الإجراءات الأمنية، مؤكداً أنها عملية أمنية بتكتيكات واستراتيجيات يجب أن تدرس لكل الأجيال.
أوهن من بيت العنكبوت
وأضاف أن العملية حققت معادلة أن هزيمة الاحتلال ممكنة، وأن الردع الذي يتبجح به أوهن من بيت العنكبوت، وأنه يستطيع أن يعزل الأسرى من كل شيء إلا من الإرادة، التي استطاعوا عبر التسلح بها، والإيمان بعدالة قضيتهم وقوتها، هزيمةَ منظومة أمنية متكاملة.
وأكد أنها أعادت القضية الفلسطينية وقضية الأسرى -تحديداً- إلى الواجهة، وشكَّلت دافعاً معنوياً للاشتباك في عموم الضفة الغربية، كما أعادت للذاكرة عملية الهروب الكبير التي قادها الشهيد المجاهد: مصباح الصوري ورفاقه في العام 87 وتنفيذهم سلسةَ عمليات نوعية أفضت لاحقاً إلى تفجير واندلاع انتفاضة الحجارة.
إرادة صلبة رغم الانتهاكات
وأوضح العمور أن القمع الذي يقوم به الاحتلال ضد الأسرى عموماً، وأسرى حركة الجهاد -على وجه الخصوص-، هو محاولة لترميم الردع والبحث عن صورة انتصار مزيفة، ويأتي في سياق الانتقام كغريزة أصيلة في فكر الاحتلال وجنوده ومستوطنيه.
وبيَّن أن هذه الإجراءات لم تَحُلْ وَلَمْ تهزم عزيمة هؤلاء الأسرى، بل زادتهم إصراراً ويقيناً أن هذه العدو هو مجرد وهم من غبار.
إنجاز أمني جديد
وأكد أن رسالة الأسير محمد عارضة، التي أرسلها من عزله الانفرادي، والتي يقول فيها: "نحلم بالحرية ونحن بينكم بإذن الله قريب، وإلى هذا الموعد -إن شاء الله- نؤكد لكم أننا سنبقى كما تحبون وترضون، رغم أنف الغاصبين والمجرمين.. شاهت وجوه الطغاة والمتكبرين، وإن أعظم حرية حققناها هو حبكم، ومساندتكم لنا بهذه الوطنية العظيمة والإخلاص الناصع"، هي دليل على الإرادة الصلبة التي لم تفتأ أو تخور، مبيِّناً أن خروج هذه الرسالة بحد ذاته إنجاز أمني جديد للأسرى.
وشدد على أن عملية "انتزاع الحرية" كانت وحدة سياسية وجغرافية متكاملة، أفضت لاحقاً إلى تشكيل كتيبة جنين الباسلة التابعة لسرايا القدس.
انتفاضة تتشكل ملامحها
وتوقع المحلل السياسي: "مثلما أفضت عملية الهروب الكبير إلى اندلاع الانتفاضة الأولى، فإن عملية "نفق الحرية" ستفضي إلى انتفاضة شاملة في الضفة الغربية، بدأت ملامحها تتشكل".
وأضاف في ختام حديثه: "أبرز تلك الملامح هي كتيبة جنين التي تشكَّلت عقب عملية نفق الحرية، وتمددت حتى باتت كتيبة في نابلس، وكتيبة في طولكرم، وكتيبة في طوباس، وتنفذ عمليات نوعية ليس في الضفة فقط بل في عمق كيان الاحتلال".